الخميس، 7 يناير 2021

مزاج متقلب

 قالت لي : بلحظات ما يتملكني شعور بالضعف والهشاشة غير طبيعي ، لو سُلط على ضوء لعبرني وتسرب داخلي كأني لاشيء كأني فراغ . دائما مشكلتي في تقلباتي الغير مبررة  والتي بلا أي سبب ، اتقلب بين جمر النار وقطع الثلج في لحظة . دخول الناس بحياتي مرتبط بحالتي وقتها ، لا بهم ولا بأحاديثنا بل بغباء حالتي وحدها . ولكن لحظات التدفق في الكلام تأتي على فترات بعيدة جدا وعندما تأتي لا أريد الحديث عن شئ محدد بل الانهيار ، كـانهيار سد أمام إعصار في محيط ، الغريب أنه لم يحدث في حياتي كلها أن تدفقت في الحديث أو اخرجت جزء مما بداخلي ، وكأن السد كلما اعتقدت أنه سينهار أصلح نفسه وصمد قليلا أو كأن كثرة الضغط عليه جعلته منيع ، أو لأنه لا يوجد من اتدفق معه فقد يبدو البعض مختلفا في البداية ولكن مع الوقت تجد التشابه ، فالكل متشابه والنهاية متشابه وحتى أنا لست مختلفة بل متخلفة إلي حد ما . .. أحوالي تتغير لا لا بل تتقلب من الشئ لنقيضه ، كنت بالسابق أجد في الكتابة متعة ومنفذ لي ، وسيلة بديلة عن الكلام وعن الصراخ أيضا . الآن أجد متعة وراحة أكبر في محو كل ما أكتبه . فالكتابة محاولة لملء فراغ الصمت ولكن لِما تغيير حالة الصمت ! لِما نملأ الفراغ ! 

الأربعاء، 6 يناير 2021

كانت

 كانت تعلم أن مواجهة نفسها بحقيقتها شئ مؤلم صعب ، وعلمها بحقيقة قدراتها وحقيقة ما تواجه وحقيقة الواقع صعب ولكن مهم . كانت تعلم أن صعوبات الحياة كثيرة ولكن أصعبها ما يتعلق بك وبمواجهتك لنفسك ، أن تعلم مدى هشاشتك برغم إدعاءك القوة ، قرار أحيانا يكن جيد ولكن مع الوقت تصدق حتى تأتي اللحظة التي تصفعك فيه الحياة بقوة ، أن تعلم وتعترف أنك المخطأ الوحيد في حق نفسك ، والأهم  ضرورة الفصل بين خيالك المهرب الجميل الناعم والواقع الحقيقي أيا كان صعوبته مرارته ! كانت مستعدة للتخلي والتنازل عن كل ما تمسكت به يوما ، بل والاتحاد مع نفسها إذا وجدت ما يستحق ذلك . كانت كـحبات المطر متماسكة ضعيفة . كانت تتمنى فرصة وعندما جاءت كان بعد فوات الأوان . كان يرتسم على وجهها مسحة حزن منبعها من الروح ، فوجهها دائما مجرد مرآه لروحها .  

كانت كلما نظرت للوراء لتبتعد عن التفاصيل لرؤية الشكل العام لحياتها ، بحثا عن نمطاً ما يجعلها تفهم الحياة ، فوجدت أنها وتيرة واحدة وطريق ثابت مع مواقف وأشخاص بنفس المواصفات ، وكلما اجتهدت وحاولت الخروج لطريق فرعي ما ، أرغمتها على العودة لنفس الطريق المعتاد ، حتى الطرق الفرعية لا تختلف كثيرا بعد مضي الوقت عن طريقها . كانت مهزومة كـغزال ظل يهرب طوال الوقت من كل صياد وكل مصيدة وفي النهاية وجد نفسه على الحافة ! هرب من ألم ليقع في أشد منه ، ولا يعلم أأخطأ الطريق أم هذا طريقه الذي كُتب له ! أأكان عليه الاستسلام بدلا من المقاومة ! ولكن خوفه من الأسر أكبر من خوفه من الموت , لم يكن لديه فرصة أبدا لم يكن لديها أي فرصة . كانت وصلت لاقتناع أن ما كُتب لك سيكون لك ، هذا يجعلك راضي من جهة ومتعجب من جهة آخرى ، ما تحدد لك من قبل أن تأتي للحياة لا سبيل لتغييره ، وكلما حاولت الخروج ستجد نفس الوتيرة ولكن بداياتها مختلفة ومع الوقت ستجد نفس القالب .

كانت بلا عقل ولا تمتلك منطق لأفعالها ، تمتلك من الحماقة ما يتعدى الممكنات واللاممكنات الموجودة بالكون كله ، تملك في لحظة كل الرضا اليقين الأمل وبلحظة آخرى تمتلئ بالسخط الغضب الشك ، دائما غائبة قلبا روحا كيانا عقلا وحاضرة جسدا بلا حياة  ، تؤمن أنها لا تستحق شئ ولكن تنتظر ما لا تعلم ، مع أنها بلا رغبة بلا معنى بلا حياة . كانت تُجبر على معارك لا يد لها فيها وتخاف من عدم خوفها من شئ . كانت كلما تلقت ضربة من الحياة قست على نفسها اكثر ولا تعلم لِما . كانت تمنح الوهم حياتها وتشغل نفسها باللاشئ لعلها تتلاشى . كانت لا تنتمي لمكان ولا لزمان ولا لأحد ولا حتى تنتمي لنفسها . كانت حبة رمل في قلب إعصار . كانت لاشيء مجرد رجاء يتكأ على صدفة ، لا بل مجرد خطأ ، معطوبة . كانت فارغة فارغة تماما وعندما بدأت بسد فراغها وجدت نفسها ممتلئة بالثقوب ، لم تعلم أن الخلل بها لا بالفراغ ! كانت دائمة الركض مع أنها تعلم أن لا مكان تصل إليه ولم تتحرك من مكانها يوما . كانت تقف على حافة الشك في كل وأي شئ حتى وجودها . 

كانت محاطة بالعديد ، والجميع يتهمها بأنها مختلفة شاردة ، لا تحب الكلام ولا الشكوى ولا تتحدث عما يشغلها ويضايقها ، تسمع النصائح عليك بالفضفضة ، عليك بالاتكاء على أحد حتى لا تنهاري ، عليك بمشاركة من حولك بما يجري لكِ . طوال الوقت تسمع نفس الحديث ومن الجميع ، ثم في لحظة مجرد لحظة قررت أن تغمض عيناها وتتحدث أو الاتكاء أو حتى الصراخ ، فتحت عيناها فلم تجد أحد حولها . علي الاعتراف أنا وحدي وحدي تماما . كانت تعلم أن أشد ما أرادته يوما هو صديق للتحدث معه كما اتحدث مع نفسي ، صديق أحدثه عن عيوبي وجانبي المظلم ، عن جنوني وتفاصيل أراها ويغفل عنها الجميع ، عن ضعفي وهشاشتي ، عن الأمس الذي كسرني ، عن حقوقي التي سلبتها الحياة مني ، عن الغد الذي لا أريده .